دارت مواجهات بين عدد من أهالي منطقة عزبة نادي الصيد بمدينة الإسكندرية وقوات الأمن. انتهت بالقبض على العشرات من الأهالي وحبسهم 15 يومًا على ذمة التحقيقات. إذ اتهموا بالاعتداء على قوات الأمن والتجمهر والشغب وفقًا للمفوضية المصرية للحقوق والحريات.
بدأت الأحداث الجمعة الماضية، بعد طلب لجنة الحصر من أهالي المنطقة التوجّه لمكتب التنسيق الحضاري لمعرفة الأماكن الجديدة التي سينتقلون إليها. بعد تركهم المنطقة الحالية، الأهالي يقعون بين روايتين. الأولى الخاصة بهم وهي محاولات تهجيرهم من أرضهم. أما الثانية وهي الرواية الرسمية وهي نقلهم لمكان أفضل لأنهم يقطنون في منطقة عشوائية. تعاني من مياة الأمطار والعديد من المشكلات الأخرى. فتقرر نقلهم لمشروع بشاير الخير. لكن الرواية الثانية يرفضها الأهالي، ويؤكدون أن ما يتم هو إخلاء للمنطقة لبيعها لأحد المستثمرين. كما حدث مع العديد من المناطق، ومنها الوراق وغيرها.
نادي الصيد بالإسكندرية ووعد التطوير
أحد سكان المنطقة الذي رفض ذكر اسمه، قال إن محافظ الإسكندرية وعد بتطوير المنطقة منذ عام 2019. ضمن خطة تطوير تشمل 7 مناطق عشوائية في الإسكندرية. وبالفعل بدأ تطوير المنطقة، وأعمال الصرف الصحي ورصف الطرق. إلا أنه توقف مع بداية عام 2020، دون أسباب واضحة، وبدأ حينها تسريب معلومات بأن الأرض سيتم بيعها لأحد المستثمرين.
وبعد ذهاب سكان المنطقة لمكتب التنسيق الحضاري لمعرفة الإجراءات التي ستتم، وجدوا أنه من المقرر نقلهم لشقق بالإيجار قيمته 300 جنيه. بزعم أن الشقق التي يمتلكوها على أرض من أملاك الدولة، ولا يمكنهم الانتقال لشقق تمليك لأن الأرض في الأساس ليست ملكهم.
السكان يرون أن المسؤولين لا يتحدثون معهم بشفافية، ولا يوضحون الأمر، ما دفعهم للخروج في تظاهرات صباح الجمعة.رفعوا خلالها لافتات مدون بها “شعبية مش عشوائية”. كذلك أكدوا أن المنطقة من ضمن المناطق الشعبية وليست العشوائية، والتي يمكن تطويرها في مكانها دون الانتقال لآخر.
المحافظ: “شوفت ناس بتتعذب”
أما محافظ الإسكندرية فكان له رأي آخر. إذ قال في مداخلة تلفزيونية مع الإعلامي عمرو أديب، إنه سيتم نقل الأهالي لمنطقة أفضل. لأن المنطقة الحالية متضررة بسبب مياه الأمطار ومن ضمن المناطق العشوائية: “لما نزلت المنطقة عدة مرات الشتاء الماضي. كنا نطمئن الناس بنقلهم لحياة كريمة في بشاير الخير كانوا في منتهى السعادة. وفي الشتوية الماضية شوفت ناس بتتعذب”.
وأكد محافظ الإسكندرية، خلال المداخلة الهاتفية: “محدش يمشي من شقته إلا لشقة أفضل، وسيتم نقل المساكن الأكثر خطورة إلى مساكن أفضل. وكله داخل مدينة الإسكندرية، حيث أفضل مساكن على مستوى مصر ويتمنى أهالي الإسكندرية أن ينقلوا فيه. من حقهم يكونوا قلقانين ومن حقهم أشرح لهم الصورة، وسنطمئنهم، وأقول لهم لو لم تذهبوا لسكن أفضل مش هنمشيك.إحنا عاوزين الأفضل لهم وحياة كريمة لأولادهم”.
كذلك أضاف: “أنا والنواب وكل التنفيذيين في المحافظة موجودين مع الأهالى لحظة بلحظة، ومستعد أقعد معاهم 24 ساعة، وبلاش نخلى بعض المستفيدين من وجود العشوائيات يأثروا عليهم ويبثوا فيهم شائعات مغرضة وأن الدولة هتسيبهم”، مشددا على ضرورة توفير حياة كريمة للأهالي.
الأهالي يرفضون الرواية الرسمية
يرفض أهالي منطقة النادي الرواية الرسمية. كما أكدوا أن ما نقلة المحافظ عبر المداخلة الهاتفية غير صحيح. كذلك أضافوا أن التواصل مع المسؤولين دون جدوى.
وقال أحدهم “مش عاوز أسيب منطقتي اللي اتربيت فيها وعشت من 60 سنة. وأورح أدفع ايجار في مكان جديد محدش حتى يعرف هو فين. ولا حد بيفهمنا هو فين. إحنا معظمنا شغله ومرتبه ميكملش 1000 جنيه، ندفع إيجار منين ونعيش إزاي”.
العدد الإجمالي للمنقولين للشقق وصل إلى 6 آلاف و44 أسرة، فيما بلغ عدد المحال الجديدة ألف وثمانية محل وورشة، وفقًا لتصريحات المحافظ. والذي اتفق معه النائب عن المنطقة محمود قاسم، وأوضح أن النقل سيتم لتوفير حياة أفضل لسكان المنطقة، ونقلهم لمناطق أفضل، مع حصرهم جميعهم.
الدكتور أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان أوضح أن ما يحدث في مصر من مشروعات تطوير ومواجهة الحياة الصعبة يجب أن يشار إليها. ومنطقة نادي الصيد من المناطق بالمحافظة أهملت وتم بناءها بشكل غير مخطط. وبالتالي كانت مسار به مشكلات خاصة في موسم الأمطار.
وأضاف في تصريحات صحفية له، أن منطقة عزبة نادي الصيد أي محافظ يتولى الإسكندرية لابد أن يمر عليها ويبدأ في التعامل مع التحديات والمشكلات بها بطريقة أو بأخرى. حيث تقع على جانبي مناطق مخصصة أن تصبح بها تطوير شامل، ومواجهة تطويرها سعى إليه الكثيرين.
وأكد رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أنه لن يكون هناك أي ضرر على المواطنين فيما يخص سكنهم. وإذا كان هناك ملاحظات أو تحفظات على الجميع ينتبه إليها، والمحافظ تعهد ببعض الأمور. كما أن لجنة الإدارة المحلية خلال فترة التشريع السابق أحيلت إليهم 3 تعديلات في قانون رقم 10 الخاص بنزع الملكية للمنفعة العامة وصرف تعويضات للمواطنين. مؤكدًا أن هذه التعديلات كانت لصالح المواطنين. وعندما قررت الدولة التوسع في مشروعات التنمية منها الطريق الدائري في القاهرة تصطدم بمناطق متعدى عليها بالبناء المخالف أو برخصة، والقيادة السياسية وجهت بصرف تعويضات حتى لمن لا يملك ملكية.
أحداث جزيرة الوراق
الأحداث السابقة ربما تكون مشابهة بشكل كبير لما حدث بجزيرة الوراق، والتي قضت بها محكمة جنايات القاهرة، بمعاقبة متهم بالسجن المؤبد. كما عاقبت 30 آخرين بالسجن المشدد 15 سنة، ومعاقبة 4 آخرين بالسجن المشدد 5 سنوات. في القضية المعروفة إعلامياً بأحداث جزيرة الوراق، في اتهامهم بالتجمهر واستعمال القوة والعنف أثناء تنفيذ قرارات إزالة التعديات بالجزيرة.
التحقيقات الرسمية ذكرت أنه أثناء تنفيذ الحملة المكبرة لإزالة المخالفات والتعديات على أملاك جزيرة الوراق. بناء على القرارات الصادرة من وزارات الزراعة والري والأوقاف بالاشتراك مع الأجهزة التنفيذية بالمحافظة. وتم نقل القوات عبر المعديات، لتأمين تنفيذ تلك القرارات، وأثناء نزول القوات إلى أرض الجزيرة. تجمع عدد من الأهالي في عدة أماكن، ومنعوا القوات من تنفيذ القرارات، ورشقوا بالطوب والحجارة.
وفقًا لتقارير عدة، فالجزيرة تضم 100 ألف مصري، وتبلغ مساحتها 1600 فدان تقريبًا. وترغب الحكومة في طردهم من الجزيرة من أجل تحويلها إلى منطقة استثمارية تجارية وسياحية. فمخطط تطوير الجزيرة بدأ منذ عام 2000 عندما قررت الحكومة تحويل جزيرتي الوراق والدهب إلى المنفعة العامة للدولة. لكن حصل الأهالي على حكم قضائي يقضي بأحقيتهم في أرض الجزيرتين عام 2000، وفي 2006 اجتمع الرئيس الأسبق حسني مبارك ووزير الدفاع ووزير الإسكان لمناقشة خطة تطوير الجزيرة. وظهرت مخططات التطوير التفصيلية في 2010 باسم مدينة حورس.
وأعاد رئيس الوزراء الحالي مصطفى مدبولي حينما كان يشغل منصب وزير الإسكان، خلال 2014، إحياء مشروع تطوير الجزير. وحدثت بعدها مواجهات بين الحكومة والأهالي خلفت إحداها قتيلاً و19 مصاباً بين الأهالي، و31 مصاباً من قوات الأمن.