تثير المبيعات القياسية التي حققتها مجموعة طلعت مصطفى في مشروعها الجديد بالساحل الشمالي التي بلغت 60 مليار جنيه في 12 ساعة فقط أي 8.3 مليون جنيه في الدقيقة الواحدة تساؤلات حول من يملك القوى الشرائية في مصر، ودلالات التكالب على شراء العقارات رغم البيانات الحكومية التي تؤكد تراجع التضخم واستقرار العملة.
أعلنت طلعت مصطفى، في مؤتمر صحفي بمقر مجلس الوزراء، أخيرًا، عن شراكة مع الحكومة في مشروعها “ساوث ميد” بالساحل الشمالي باستثمارات تقدر بـ تريليون جنيه، بحسب تشارك الحكومة بحصة عن طريق الأرض.
الشراء السريع للمشروع، الذي يقع على مساحة 23 مليون متر مربع ويطل على خط ساحلي نظيف بطول 8 كيلومترات، دفع المجموعة لرفع توقعاتها للمبيعات الإجمالية تتجاوز 1.6 تريليون جنيه على مدار مدة المشروع.
الملايين في 73 مترًا
يشمل “ساوث ميد” أكثر من 60 ألف وحدة سكنية متنوعة من مختلف الأنواع، وسيضم المشروع العديد من الفنادق التي تضم حوالي 2000 غرفة، بالإضافة إلى مارينا وملعب جولف عالمي مؤلف من 18 حفرة.
لكن المثير أن أقل مساحة في الوحدات المطروحة “73 مترًا” يصل سعرها إلى 13.2 مليون جنيه، بالتقسيط على 12 سنة.
يقول أحمد العطيفى، الخبير المالي، إن الـ 60 مليار جنيه تعادل قيمة المبيعات المسددة بنظام التقسيط على ١٠ سنوات فى المشروع، والحجز يبدا من ١٠% مقدما أى تقريًبا ما تم سداده ٦ مليارات جنيه بشيكات وتحويلات بنكية.
تبيع شركات العقارات في مصر على “الماستر بلان” وهو خريطة للمشروع على الورق قبل تنفيذه، وعلى أن يدفع المشتري المقدم ويحضر شيكات بنكية بباقي المبلغ من أحد البنوك لضمان السداد، وفي حالة تعثره من حق الشركة تقديم الشيكات للنيابة.
أضاف العطيفي أن تلك الأرباح تظهر فى ميزانية الشركة عند التسليم الذي من المتوقع أن يبدأ بعد ٤ سنوات، لكن تشير تلك الأرقام لثقة المشترى فى البائع فى ظل الظروف الحالية.
وأوضح أن النسبة الكبيرة من المشترين متأكدون من ارتفاع قيمة العقارات فى المستقبل والنسبة الأكبر منهم هم أصحاب شركات ومصانع ورجال اعمال ليس لديهم رغبة فى ضخ قيمة فيلا بسعر ٢٠٠ مليون أو ١٠٠ مليون أو ٥٠ مليون فى توسعات لديهم واعتبروا نفسهم شركاء بالمشروع الجديد.
مشتريات ساوث ميد والركود التضخمي
مع توقعات بارتفاع التضخم، يلجأ المستثمرون لتنويـــع حيـــازة الأصـــول ويفضــــلون الاســــتثمار فــــي العقــــارات أو الــذهب مــن أجــل التحــوط ضــد مخــاطر فقــدان القــوة الشــرائية، ما يــدفع أســعار هــذه الأصــول لأعلــى علـــى حســـاب القطاعـــات الإنتاجيـــة؛ ممـــا يعرقــل نمـــو هــذه القطاعـــات ويــنعكس ســـلبًا علـــى النمـو الاقتصـادي، وقـد يُـدخل الاقتصـاد فـي حالـة مـن الركود التضخمي.
وتوجد قاعدة اقتصادية راسخة بأن العقارات وسيلة تحوط من التضخم على اعتبار أن الدخل الناتج عنها يميل إلى مواكبة أسعار المستهلك، وكانت تلك القاعدة كلمة السر في المبيعات القياسية للشقق في مصر خلال شهور يناير وفبراير 2024.
أما محمد الدشناوي، الخبير الاقتصادي، فيقول إن المشتريات الضخمة التي سجلتها طلعت مصطفى لا تشير لجودة الأداء أو ازدهار أحوال المواطنين المالية، ولكن ثقة من الأغنياء في استمرار التضخم المنفلت.
تأتي تلك المبيعات بعد تباطؤ الطلب على العقار بعد قرار تحرير سعر الصرف في مارس الماضي، خاصة في فئة الشراء بغرض الاستثمار، ما يعطي دلالات على تحرك السوق مجددًا وتوقعات المستثمرين بمعاودة التضخم الارتفاع.
تتناقض تلك المبيعات المراهنة على التضخم مع توقعات بنوك الاستثمار العالمية كـ”جولدمان ساكس” بانخفاض معدل التضخم في مصر إلى نحو 22% على أساس سنوي بحلول نهاية العام الجاري، مع تراجع تأثير تعويم العملة وفك الاختناقات في سلاسل التوريد.
ووفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية تراجع إلى 27.4% لشهر مايو 2024 مقابل (31.8 %) لشهر إبريل 2024، لكن البنك المركزي أكد أنه يستهدف خفض معدل التضخم إلى رقم أحادي (أقل من 10) على المدى المتوسط.
من يشتري؟
ويقول هاني توفيق ، الخبير الاقتصادي، إنه مطلوب دراسة تفصيلية للشقق التي تبلغ ٢٥ مليون ، والفيلات التي تبلغ ٢٥٠ مليونًا، وتساءل: هل غسيل أموال؟، وما موقف المشترين الضريبى؟، ومن أين لهم تلك الأموال؟، وما حجم التصرفات العقارية وعمولات السمسرة؟، مضيفا أن الكثير من الناس تحت خط الفقر والأرقام أصبحت استفزازية.