على باب محل ملابس بشارع 26 يوليو بوسط القاهرة، يقف محمد عادل البائع، يحاول اجتذاب الزبائن بكل الطرق للمحل معلنا عن تخفيضات بنسبة 50% على الملابس، ووجود عروض بشراء قطعتين والحصول على ثالثة مجانًا، ضمن عروض الأوكازيون الشتوي.

يُنفذ البائع محمد عادل تعليمات صاحب المحل الذي يحاول تصريف بضاعته الشتوية بكل الطرق، فعمرها الزمني قصير والدفء على الأبواب، وركنها في المخزن للموسم القادم محفوف بالمخاطر من تغير الموضة.

يمثل ركن بضاعة الموسم الشتوي الحالي لشتاء العام المقبل احتباسا لرأس المال الذي يحتاجه التجار، خاصة الصغار، من أجل تغطية شراء ملابس الموسم الصيفي، على عكس بعض التجار الكبار الذين يمتلكون سيولة، تساعدهم على مواجهة ركود البيع.

رمضان والمدارس.. تحديات أمام الأوكازيون الشتوي

عروض الاوكازيون الشتوي 2025
عروض الاوكازيون الشتوي 2025

لم يُحرك الأوكازيون الشتوي الذي بدأ في 4 فبراير الماضي، المبيعات كالمتوقع بعدما تزامنت أوقاته مع شهر رمضان الذي يشهد ارتفاع الإنفاق على السلع الغذائية، وكذلك بدء الفصل الدراسي الثاني بأعبائه على الأسر من مستلزمات ودروس خصوصية.

رغم خفض الأسعار تشكو إيمان مصطفى (ربة منزل) من عدم قدرتها على شراء احتياجات أبنائها من الملابس الجديدة في العيد، فالطقم الواحد حاليا لطفل لا يتجاوز 5 سنوات لا يقل قيمته عن ألف جنيه، أي أنها تحتاج إلى 3 آلاف جنيه لتلبية احتياجات أبنائها الثلاثة”.

تضيف إيمان، التي قامت بجولة في العديد من المحال: “موسم التخفيضات جاء مع رمضان ودفع القسط الثاني للمدارس والدروس الخصوصية.. وميزانية الأسرة لا تستطيع الوفاء بتلك الالتزامات.. اكتفيت بشراء بعض القطع، على أن يقضي الأبناء العيد بملابس العام الماضي”.

كان يُفترض أن ينتهي الأوكازيون في 3 مارس الحالي لكن الدكتور شريف فاروق وزير التموين والتجارة الداخلية، قرر مده حتى يوم 21 مارس القادم حتى موعد عيد الأم؛ أملاً في تحريك المبيعات بالسوق مع مبيعات الهدايا التي تزيد في تلك المناسبة.

 تشترط وزارة التموين على أي تاجر يريد المشاركة في الأوكازيون الحصول على موافقة المديرية التابع لها، وتؤكد أنها تتبع إجراءات صارمة للتأكد من جودة المنتجات المعروضة، والإعلان عن ثمن السلع المعروضة للبيع قبل وبعد الأوكازيون؛ ليتأكد الزبون من التخفيض، لكن الوزارة لا تتدخل في التسعير، فدورها فقط التأكد من نسبة التخفيض قبل وبعد.

ويمتلك العاملون بجهاز حماية المستهلك الضبطية القضائية، وبإمكانهم تحرير محاضر للمحلات التي تُعلن عروضًا وهمية، كما يمكنهم إحالتها لنيابة الشؤون المالية، والتجارية التي تمررها بدورها للمحكمة الاقتصادية، التي تصدر أحكامًا للمخالفين على حسب نوع المخالفة وحجمها، تتراوح بين التغريم والحبس.

موسم شتوي ضعيف

خالد فايد نائب رئيس شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية
خالد فايد نائب رئيس شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية

يقول خالد فايد، نائب رئيس شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية، إن الموسم الشتوي كان ضعيفًا من حيث المبيعات، حتى خلال فترات الكريسماس وأعياد الميلاد، التي عادة ما تشهد إقبالًا على الشراء.

بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، شهدت أسعار الملابس والأحذية ارتفاعًا بنسبة 23.6%، خلال شهر ديسمبر 2024 على أساس سنوي مقارنة بديسمبر 2023، بينما شهدت على أساس شهري في ديسمبر 2024 زيادة بنسبة 1% مقارنة بشهر نوفمبر السابق عليه.

يقول فايد، إن المحلات تحاول تصريف المخزون بأي شكل، والأوكازيون فرصة جيدة لتنشيط المبيعات لأن السوق في حالة ركود، فالتجار يتمنون قدوم العيد في الشتاء، حتى يتمكنوا من بيع البضائع المتراكمة، لذلك فإن الأوكازيون جاء في توقيت مناسب، وسط آمال بأن تشهد الفترة المقبلة حركة شرائية أفضل.

تشير بيانات الغرف التجارية إلى تراجع في عدد قطع الملابس التي تم بيعها في الموسم الشتوي بنسبة 20%، لكن هناك زيادة في قيمة المبيعات بنسبة تتراوح بين 10 و15%، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الملابس بشكل كبير.

التهريب.. أزمة تواجه المحال

بالقرب من شارع 26 يوليو، تشهد سوق وكالة البلح انتعاشا في حركة مبيعات الملابس المستعملة الواردة من الخارج التي يري البعض، أنها أفضل جودة، باعتبارها واردة من أوروبا، كما تعتبر أرخص بكثير من الملابس المصرية، فالأسعار تبدأ من 200 جنيه لبعض القطع مقابل 400 و500 جنيه في المحال التقليدية.

يقول صاحب محل ملابس في الوكالة، يسمي نفسه أحمد الجوكر، إن البضاعة في وكالة البلح حاليا لم تعد قاصرة على الفقراء، فبعض المعروضات ماركات عالمية واستعمالها طفيف، وتستهوي الطبقات فوق المتوسطة.

يضيف الجوكر، أن الأسعار في الوكالة هي التي تضمن لها المنافسة في فترة الأوكازيون، فمهما خفضت المحال التجارية، فلن تستطيع مجاراة الأسعار في الوكالة التي تبدأ من 100 جنيه للقطعة الواحدة، وتلبي حاجة الفقراء في إدخال البهجة على أبنائهم في العيد.

الدكتور محمد عبد السلام، رئيس غرفة الملابس باتحاد الصناعات، يشتكي من تلك الظاهرة، مؤكداً أن القانون يمنع استيراد الملابس المستعملة، لكنه يسمح بدخول الملابس المستعملة ضمن التبرع للجمعيات الأهلية في الدول الفقيرة كنوع من الدعم.

أضاف أن تلك الملابس يتم بيعها للجمهور؛ نظرا لانخفاض أسعارها مقارنة بالأسواق، لأنها لا تدفع أي رسوم جمركية على عكس الملابس المستوردة بشكل شرعي، وهناك مناطق وشوارع كاملة، تبيع الملابس المستعملة «البالة» رغم مخالفة شروط دخولها.