تنتظر صادرات الحديد والصلب المصرية موقف مفوضية التجارة الأمريكية من فرض رسوم إغراق ورسوم تعويضية على واردات الولايات المتحدة من حديد التسليح المصري، بدعوى بيعه بأسعار تقل عن القيمة العادلة.

تلقت المفوضية الأمريكية شكوى من مصنعين للحديد والصلب بأمريكا، يزعمون فيها، بأن الحديد المصري سواء قضبان التسليح أو اللفائف يُباع في الولايات المتحدة بأقل من القيمة العادلة، وأن صادراته مدعومة من قبل الحكومة المصرية.

تحقق المفوضية في مكافحة الإغراق، عندما تزعم إحدى الصناعات المحلية الأمريكية، بأنها تضررت من واردات منافسة لسلع معينة من دول محددة، تُباع بأقل من قيمتها العادلة، أما الرسوم التعويضية، فيتم تطبيقها عندما تزعم إحدى الصناعات المحلية، بأنها تضررت من واردات منافسة، تتلقى دعمًا غير عادل من حكوماتها.

تأتي دراسة رسوم الإغراق ورسوم المنافسة، في وقت تحاول فيه الشركات المصرية استيعاب قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بمضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب من الخارج (ومنها من مصر) من 25% إلى 50% بدءًا من يونيو الحالي، والذي يمكنه التأثير على صادرات مصر لأمريكا.

حال ثبوت ادعاءات وجود إغراق للحديد والصلب المصري لأمريكا سيتم فرض رسوم، تتراوح بين 110.99% و129.89% على واردات حديد التسليح القادمة من مصر للولايات المتحدة.

وبلغت صادرات الحديد والصلب المصرية لأمريكا العام الماضي 226.8 ألف طن بقيمة 114.7 مليون دولار، وهي أقل بكثير من عام 2023، حينما تم تصدير 267.9 ألف طن بقيمة 145.2 مليون دولار.

قال مسئول بغرفة الصناعات المعدنية، إن المفوضية يجب عليها التوصل إلى قرار أولي في تحقيقات مكافحة الإغراق والرسوم التعويضية خلال 45 يومًا بحلول 21 يوليو 2025، وتحيل رأيها إلى وزارة التجارة في غضون خمسة أيام عمل وبحد أقصى في 28 يوليو 2025، ومن حق الشركات المصرية، أن تقدم دفوعها بخصوص عدم تورطها في الإغراق، وهو أمر تدرسه الشركات حاليًا ممن اجل تقديم مذكرة مشتركة.

والاتحاد الأوروبي

تم تقديم دعوى الإغراق والرسوم التعويضية ضد شركات الجيوشي والدلتا للصلب والشركة المصرية للحديد والصلب والعشري والمراكبي وعز ومصر الوطنية للصلب وشركة بورسعيد الوطنية للصلب وصلب السويس، والمدينة للصلب.

أعلن الاتحاد الأوروبي دراسته فرض رسوم إغراق مبدئية على واردات الصلب المسطح الساخن من مصر بنسبة مبدئية 15.6% مطلع شهر إبريل الماضي، لكنه عاد في النصف الثاني من الشهر ذاته وخفضها إلى 12.8% لمدة 6 أشهر، يتم خلالها دراسة واقع السوق الأوروبية واتخاذ قرار نهائي بشأنها.

واعتبرت غرفة الصناعات المعدنية تخفيض الرسوم نتاجا لجهود هيئة مكافحة الإغراق والدعم بوزارة التجارة والصناعة، بالتنسيق مع المفوضية الأوروبية، في محاولة لإلغاء هذه الرسوم التي فرضها الاتحاد الأوروبي، موضحة أن الرسوم فُرضت؛ بسبب زيادة واردات أوروبا من الصلب المصري، ما دفع المفوضية الأوروبية إلى مراجعة أوضاع السوق وتطبيق هذا القرار.

تؤثر الرسوم بشكل مباشر على صادرات مصر من الصلب المدرفل الساخن إلى الاتحاد الأوروبي، التي تبلغ أكثر من 50% من إجمالي صادرات القطاع إلى أوروبا، أي ما يعادل حوالي 694 ألف طن سنويًا بقيمة تتراوح بين 1.2 و1.3 مليار دولار.

بصفتها المصدر المصري الوحيد للصلب المسطح إلى الاتحاد الأوروبي، فقد تأثرت شركة حديد عز بشكل مباشر بقرار المفوضية الأوروبية، وأعلنت عزمها الطعن رسميًا في الرسوم، لكنها وعدت في الوقت ذاته بالتعاون الكامل مع التحقيق.

بعد فرض الرسوم الأوروبية، قرر أحمد عز، المساهم الرئيسي لشركة حديد عز، شطب شركته “حديد عز” من البورصة المصرية، وتقدمه بعرض شراء للمساهمين بسعر 120 جنيهًا للسهم الواحد، بزعم الحفاظ على قيمة أسهم الشركة من التدهور في ظل تنامي السياسات الحمائية عالميًا.

وصدرت حديد عز 1.07 مليون طن من حديد التسليح عام 2024، ما يجعلها الشركة الأبرز في التصدير بين شركات الحديد المصرية المصدرة التي من بينها شركات “السويس للصلب”، و”المراكبي”، و”الجيوشي”، و”العشري”.

التعويم أضر بالصادرات المصرية من الحديد

تأتي هذه التطورات فى وقت، تستهدف فيه الحكومة وضع خارطة طريق متكاملة لتعميق صناعة الحديد في مصر والنهوض بها، وعقد كامل الوزير نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، أخيرا، اجتماعًا مع عدد من شركات الحديد والصلب، لمناقشة مجموعة من التحديات التي تواجه القطاع، بهدف تسريع وتيرة الإنتاج خلال الفترة المقبلة.

كما أكد مجلس الوزراء، في بيانات صحفية أخيرا، أنه يعمل على إنشاء شركات ومصانع جديدة في قطاع الحديد والصلب، مع التركيز على التصدير كهدف أساسي، على اعتبار أن ذلك القطاع يُعد من القطاعات الواعدة والمهمة في دعم الاقتصاد الوطني.

لكن تعاني شركات الحديد المصدرة، حاليًا، من تعويم الجنيه الذي جعل سعر الصلب المصري رخيصًا في الأسواق الأجنبية، بحسب المسئول بغرفة الصناعات المعدنية، ما يضعها تحت وطأة الاتهام بتخفيض الأسعار أو تلقي دعمًا، إذ عانت “حديد عز” أكبر الشركات المحلية إنتاجًا من مشكلة إغراق أيضًا في السوقين الأوروبية والأمريكية معًا، ما يوثر على صادرات الصلب المصرية بوجه عام.

نظريًا، يمنح تخفيض سعر صرف الجنيه تنافسية كبيرة للمنتجات المصرية في الخارج، لكنها تصطدم بتنامي السياسات الحمائية العالمية، وتوجه الدول لفرض رسوم جمركية لحماية المنتجات المحلية وجعل السلع المستوردة أغلى سعرًا منها.

سبق أن فرضت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة في المغرب، أخيرًا، رسوم مكافحة الإغراق على واردات “البولي كلوريد الفينيل- PVC” ذات المنشأ المصري بشكل مؤقت لمدة أربعة أشهر، وتنقسم الرسوم إلى جزئين، الأول مرتبط بالشركة المصرية للبتروكيماويات بنسبة 74.87%، والثاني مرتبط بباقي المنتجين والمصدرين المصريين بنسبة 92.19%.