(ملل- ضجر- عزلة- قلق- اشتياق للأهل والأصدقاء …) بعض من مشاعر سلبية تنتابك، وقت العزل المنزلي وحظر التجول، تاقت نفسك شوقا إلى الحياة ما قبل جائحة كورونا المستجد (كوفيد-19)، لكن المحتجزين والمحبوسين احتياطيا في حجر مفتوح ومصيرهم مجهول.

sss

“احنا كلنا كويسين صحيا على الأقل،  بس العزلة صعبة جدا والقلق عليكم غالب، غياب المعلومات الرسمية من خلال الجرائد والراديو مخلينا عرضة للشائعات و البلبلة ومش فاهمين خالص الوضع بره حقيقته إيه” .. نص  أخر رسالة الناشط المحبوس احتياطيا، علاء عبدالفتاح  لشقيقته منى سيف، بعد سماح وزارة الداخلية إرسال رسائل إلي ذويهم بعد قرارات منع الزيارات في 9 مارس الماضي.

مصر في ذيل القائمة

مطالبات حقوقية عالمية بإطلاق سراح السجناء خشية من انتشار كورونا، وضرورة تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي -الأمر الذي لا يمكن  تحقيقه في أماكن الاحتجاز- دفع 8 دول عربية بإطلاق سراح عدد كبير ممن في السجون، وهم (المغرب – الجزائر- السودان- الأردن- البحرين- تونس-عمان- فلسطين) بإجمالي اكثر من 22.376 سجين فيما بلغ عدد المفرج عنهم في مصر 419 محبوسا احتياطيا أغلبهم في قضايا سياسية، بحسب تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية BBC.

المغرب كانت أكبر الدول من حيث عدد المفرج عنهم، حيث أعلنت الحكومة أن الملك محمد السادس، أصدر عفوا ملكيا، شمل 5654 سجينا، في إطار الإجراءات الاحترازية ضد تفشي انتشار فيروس كورونا.

أما الجزائر كانت ثاني الدول من حيث عدد المفرج عنهم،   أصدر الرئيس الجزائري، عبد المجيد طبون، في الأول من أبريل مرسوما بالعفو شمل حوالي 5000 سجين ممن لا تزيد الفترة المتبقية على نهاية عقوبتهم عن 18 شهرا.

ورغم أن المرسوم الصادر عن رئاسة الجمهورية الجزائرية لم يأت على ذكر أسباب القرار إلا أنه يأتي في وقت تتخذ فيه البلاد إجراءات احترازية لوقف تفشي فيروس كورونا في الجزائر التي وصل عدد المصابين فيها لأكثر من 700 حالة.

جاءت السودان بالمركز الثالث لقائمة الدول التي قررت الافراج عن السجناء، و كشفت وزارة الصحة في السودان أنه تم فحص 4217 سجينا تم العفو والإفراج عنهم، وذلك في إطار الإجراءات الاحترازية والوقائية التي تقوم بها الوزارة لمجابهة جائحة كورونا.

تلتها الأردن من حيث عدد المفرج عنهم، بعد قرار في منتصف مارس الماضي بالإفراج عن 4000 موقوف خشية انتشار الفيروس، مع تأكيدات من دوائر مقربة من الحكومة بقرب الإفراج عن آخرين.

أما البحرين،  أعلنت وزارة الداخلية، خلال مارس الماضي، تنفيذ العفو السامي بحق 1486 من نزلاء مركز الإصلاح والتأهيل، لدواع إنسانية وفي ظل الظروف الراهنة، وسط استمرار تفشي فيروس كوفيد 19.

وانضمت تونس أيضا إلى قائمة الدول التي قررت الإفراج عن السجناء لمواجهة انتشار الفيروس، وقال بيان رئاسي إن الرئيس التونسي قيس سعيد أمر بالإفراج عن 1420 سجينا في عفو أصدره بسبب الخوف من انتقال عدوى كورونا إلى السجون.

فيما أصدر سلطان عُمان، هيثم بن طارق آل سعيد، عفواً عن 599 سجيناً، بينهم 336 أجنبياً بسبب المخاوف من انتشار كورونا لتنضم السلطنة الخليجية إلى قائمة دول المنطقة التي اتخذت قرارات مشابهة في إطار سبل التصدي للوباء. حيث أعلنت وزارة الصحة العمانية تسجيل 48 إصابة جديدة بفيروس كورونا، ليرتفع إجمالي الإصابات في البلاد إلى 419.

و دولة فلسطين المحتلة أصدر  الرئيس محمود عباس عفوا خاصا عمن أمضى نصف مدة محكوميته في القضايا الجناحية والجنائية مع احتفاظ حق المجني عليه بالادعاء المدني، حيث يأتي القرار في ظل مخاطر انتشار فيروس كورونا، إلا أنه لا ينطبق على المحكومين بعدد من الجنايات الخطرة.

بينما أفرجت السلطات في مصر عن 419  لتأتي في ذيل قائمة الدول التي أفرجت عن السجناء بعد قرار نيابة أمن الدولة بالإفراج عن 15 محبوسًا احتياطيًا على ذمة قضايا ذات طابع سياسي، وأفرجت النيابة العامة المصرية، ونيابات أمن الدولة عن ما يقرب من 404 محبوسين احتياطيا.

الدستور المصري في مادته 56 نص على:” السجن دار إصلاح وتأهيل، وتخضع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائي، ويحظر فيها كل ما ينافى كرامة الإنسان، أو يعرض صحته للخطر”.

 

كورونا والإرهاب

المحامي الحقوقي ناصر أمين يؤكد على أن الدولة ملتزمة بالحفاظ على حياة السجناء في ظل تفشي مرض كورونا الذي يؤدي بحياتهم، قائلا:  “مثلما تلجأ الدولة لفرض حالة الطوارئ في حالة الإرهاب خوفا على حياة المواطنين، عليها أن تعطل الإجراءات العادية المتعلقة بحبس السجناء”.

ويقترح أمين بدائل تتعلق بالمحبوسين احتياطيا، وذلك من خلال تطبيق التدابير الاحترازية، أما السجناء ممن صدر ضدهم أحكام نهائية، يفرج عن أصحاب الأمراض الخطرة كالسرطان والفشل الكلوي وإلتهاب الكبد الوبائي فيروس C  فضلا عن أصحاب الأمراض المزمنة خاصة أمراض الصدر، لأنهم يكونوا عرضة للفيروس.

 فضلا عن  الإفراج عن السجناء الذين قضوا نصف المدة وبلغوا 50 عاما، فضلا عن إصدار قرارات بالعفو عن السجناء من سن (40 إلى 50 عام)  ممن قضوا ثلاثة أرباع المدة، مما يساعد على خفض الكثافة والتكدس داخل السجون.

ويطالب أمين في تصريحاته لـ”مصر360″ بإخلاء سبيل من لم تظهر عليه أعراض الإصابة بكورونا، مشيرا إلى أن السجناء بالفعل طبق عليهم فترة الحجر الصحي بمرور 14 يوما على أخر زيارة لذويهم لهم، وهي فترة كاشفة لمعرفة حمل الفيروس من عدمه.

أقرأ ايضا: أطلقوا سراحهم قبل أن يحول كورونا سجونهم إلي مقبرة

مطالبات دولية

مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان “ميشيل باشيليت”، أعربت عن قلقها الشديد، إزاء اكتظاظ السجون حيث يقبع الكثيرون في ظروف غير نظيفة وغير صحية، الأمر الذي قد يكون سببا، في انتشار أوسع لفيروس كورونا، مطالبة بإطلاق سراح كل من هو غير موقوف على أسس قانونية، بمن فيهم السجناء السياسيون.

أيدتها منظمة العفو الدولية، بأن السجون المصرية مكتظة، وتعاني من سوء الرعاية الصحية، وظروف نظافة وصرف صحي سيئة؛ يجب على السلطات النظر في الإفراج عن المحتجزين احتياطياً، وكذلك المعرضين بشكل خاص للمرض، مثل الأمراض المزمنة، والمسنين.
وقال مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة “فيليب لوثر” :”ينبغي أن تكون السلطات المصرية مدفوعة بخطر انتشار فيروس كوفيد -19 في السجون؛ للوفاء بالتزاماتها الدولية وإطلاق سراح الآلاف من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمنتقدين السلميين المحتجزين لمجرد التعبير عن آرائهم أو الاحتجاج السلمي. إن هؤلاء الأفراد ما كان ينبغي أن يكونوا في السجن في المقام الأول.”

وفي الاجتماع الشهري للمجلس القومي لحقوق الإنسان أمس الأول، طالب المجلس التوسع باستراتيجية الإفراج الصحي عن المحتجزين خاصة بالنسبة لكبار السن و المصابين بأمراض مزمنة، فضلا عن إيجاد حلول بديلة بعد حظر زيارات أهالي السجناء مثل الاتصال الهاتفي.

علاء عبدالفتاح في نهاية رسالته لشقيقته يقول: “موضوع مستفز جدا اني ابقى هنا نظريا في وضع آمن بالنسبة لكورونا، وأنتِ عرضة له وخالد ابني يحتاجني، والأدهى اني مش فاهم خالص ازاي يجدد حبسنا تلقائي بدون جلسات، ده حاجة ليس لها أي أساس قانوني .. اطمئنوا أكل الكانتين كويس.

والتعيين اتحسن، أنا بفكر في بابا كتير وبحلم بيه. واحشني الرغي معاكي” في إشارة لوالده المحامي الحقوقي الراحل أحمد سيف الإسلام.

اقرأ أيضا: “مفوضية حقوق الإنسان” تدعو مصر للإفراج الفوري عن المحبوسين احتياطيا