في سياق ادعاءات حوادث التحرش الأخيرة، تعلو الأصوات المنادية “أين الأسرة من حماية أبناءها أو استيعابهم” لكن هل تعرف الأسرة المصرية ما دورها في حماية أبناءها من التحرش وكيف تمارس هذا الدور؟

بناء جسر الثقة

ترى أستاذ الإرشاد الأسري آمال إبراهيم تجييب في تصريحات لـ”مصر 360″ أن بداية تعليم الطفل واستيعابه لمساحته الشخصية الآمنة يبدأ من سن الـ3 سنوات، ويمكن خلالها تعليمه يطرق مبسطة حول جسمه والمناطق الحساسة فيه، وعدم كشفها لأي شخص.

وتؤكد إبراهيم، أن ترديد المعلومة وتلقينها للطفل في سن مبكر يتحول لسلوك ثم عادة، لافتة إلى أن الطفل أذكى مما يتصور البعض أنه غير مدرك، لافتة إلى أن الحفاظ على الأطفال يحميهم من عدم التعرض لسلوك منحرف في الكبر سواء كتحرش أو مجني عليه.

وتنصح أستاذة الإرشاد الأسري الأهالي، التقرب من أبنائهم وبناء جسور ثقة وترسيخ ثقافة الحوار، لمعرفة تفاصيل حياتهم وأفكارهم وأصدقائهم والأماكن التي يترددون عليها.

وترجع إبراهيم، الفجوة بين الأهالي والأبناء بسبب انعدام ثقافة الحوار، وفقدان طرق التواصل بين الأسرة وبعضها البعض، قائلة “الأم والأب أمام الهواتف الذكية ومشغولة بمتابعة التريند والمشاهير، أو في عملهم طوال اليوم من أجل مستوى اقتصادي أفضل لأبنائهم، لكن أين التربية وحق هؤلاء الأبناء في رعاية واحتواء”.

لذلك تنصح أستاذ الإرشاد الأسري بمتابعة أحداث اليوم مع الأطفال في سن مبكرة لتتحول لعادة يومية، وليس بأسلوب استجوابي ينفر الأبناء، ولكن على شكل سرد مواقف وقصص، وتبادل الآراء.

 

 

اقرأ أيضا:

التحرش الجنسي.. ظاهرة عالمية ترفض الانحسار

عدم لوم الضحية

وعن بعض الشهادات التي تداولها مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي والتي تفيد انكار الأهالي لشكاوى تحرش خاصة بأبنائهم، أو تعنيهم تعلق إبراهيم “العقاب على جرم لم يرتكبه الطفل أو إلقاء اللوم عليه، يربي بداخله شعور بالخوف، ومن ثم يقوم بإخفاء أي أمر معه ويفقد بعدها لغة التواصل”.

وتثمن إبراهيم، الخطوة التي اتخذها مجلس الوزراء مؤخرا بعد موافقة  الحكومة على مشروع قانون حماية سرية أقوال المجني عليها في قضايا التحرش.

والذي جاء استجابة سريعة بعد القضية التي فجرتها تحقيقات النيابة مع المتهم (ب- أ- ز) الذي تحرش بأكثر من فتاة وهتك عرضهن بالقوة وتحت التحديد دون الإبلاغ عن أي وقعة من أي فتاة خوفا من الفضيحة.

وبحسب بيان مجلس الوزراء فإن إخفاء بيانات المجني عليهم يتم عن طريق عدم إثباتها في المحاضر والأوراق المتداولة، والاحتفاظ بها في ملف فرعي بحوزة المحقق، على أن يعرض هذا الملف على المحكمة أو المتهم أو الدفاع عند الطلب، ويعاقب من يفشي هذه السرية بالمادة 310 من قانون العقوبات.

وتوضح أستاذ الإرشاد الأسري أن ذلك القانون سيسهل على الفتيات إبلاغهن عن الجرائم، ويرفع عنهن وعن أهلهن عبء التشهير، الذي يكبلهم في الدفاع عن حقهن.

حملات إعلانية للتوعية ضد التحرش

في السياق ذاته، تطالب الباحثة في قضايا النوع الاجتماعي جانيت عبدالعليم عمل الدولة حملة إعلانية أسوة الحملات القومية التي تبنتها الدولة مثل مكافحة البلهارسيا وتنظيم النسل في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.

كما تؤكد على ضرورة تفعيل دور الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين بالمدارس، لمراقبة سلوك الأطفال وملاحظة أي خلل طارئ، طالما أن هناك إرادة سياسية انعكست على دور الدولة في مواقفها الأخيرة المناهضة للتحرش.

تشير عبدالعليم، إلى أن التعامل مع ملف التحرش في مصر قبل أعوام كان بمنطق التعايش مع الظاهرة، وعدم حلها لكن بعد القرارات التي تتخذها الدولة سواء قوانين أو التصدي لوقائع أصبحت خطوات على الطريق الصحيح لعلاج الأزمة.

تقول عبدالعليم، في تصريحات لـ”مصر360″، “الأمهات التي تسأل كيف اتعامل مع أطفالي واحميهم من التحرش.. اقول لهم عامليها مثلما كنتي تتمني ان تعاملي من أمك كل ما افتقديه من رعاية وحنان واحتواء وحوار وتوعية ارسيه مع طفلك”.

محاربة الخرس الأسري

ترى باحثة علم النوع الاجتماعي، أن الأسرة المصرية أصابها ما يعرف بـ”الخرس الأسري” فلم يعد هناك تواصل مع الأطفال من قبل أهاليهم، مؤكدة أن الأطفال تعي ما يقال لهم على عكس فهم الأغلبية أن الأبناء في سن مبكر غير مدركين لما حولهم.

وفي حالة شكوى أحد الأطفال من تعرضه لواقعة تحرش أو اختراق لمساحته الآمنة، يجب على الأهل طمأنة الطفل وعدم تعنيفه أو إلقاء اللوم عليه، فضلا عن الاتيان بحقه لترسيخ مفهوم العدالة والعقاب لديه وأن ما حدث له جرم كبير استوجب معاقبة المتحرش، بحسب عبدالعليم.

وتستطرد: “كيف سيعي الطفل أن جسده غالي إن لم أخذ حقه ممن انتهك خصوصيته”.  

 

اقرأ أيضا: 

“سيكولوجية المتحرش”.. مريض يجهل “الحدود الجسدية”